الجزء السادس عشر*
(هل تجسدت احلامها على ارض الواقع؟)
قال طارق بغتة وهما في طريقهما الى المصنع: اسبقيني الى المصنع ريثما أحضر الكاميرا من السيارة..
قالت وعد وهي تومئ برأسها: حسنا..
عاد طارق الى حيث السيارة في حين استمرت وعد في سيرها باتجاه المصنع..عندما سمعت احد الاشخاص يهتف بها قائلا: من فضلك يا آنسة..
التفتت وعد الى صاحب الصوت وعقدت حاجبيها وهي تراه شابا يبدوا في العشرين من عمره ويضع كفه بداخل جيب بنطاله باستهتار..كانت الوقاحة واضحة على ملامحه..وهذا ما دعا وعد لعدم شعورها بالراحة من سؤاله فقالت ببرود: هل ناديتني؟..
قال الشاب بابتسامة صفراء: بلى..اريد ان أسألك.. كم الساعة الآن؟..
تطلعت له وعد باستخفاف ومن ثم قالت بسخرية: وما فائدة الساعة التي ترتديها حول معصمك اذا؟..
عقد الشاب حاجبيه وشعر ببعض الغضب من سخرية فتاة منه وقال وهو يلوح بكفه: انها معطلة..
قالت وعد بسخرية أكبر: اذاً ينبغي عليك استخدام الساعة الشمسية كما كان يحدث في العصور البدائية..
ازداد انعقاد حاجبي الشاب وهو يشعر بالغضب من كلمات وعد الساخرة له..في حين ابتعدت وعد عنه بلامبالاة..فهتف بها قائلا: ستندمين ايتها الجميلة..
لم تهتم وعد بما قال بل فضلت تجاهله وهي تتوجه الى المصنع ..وبغتة سمع ذلك الشاب صوتا صارما يأتي من جواره وصاحبه يقول: بل انت من سيندم ان تعرضت للآنسة مرة أخرى..
قال الشاب بابتسامة وقحة: حقا؟.. ومن انت؟..
قال طارق بسخرية: شخص سيسعده تحطيم اسنانك ان لم تصمت..
قال الشاب وهي يبتسم بسخرية: هيا ارني ما لديك اذا..
قال طارق وهو يكور قبضة يده: بكل سرور..
وهم بأن يلكم الشاب وتحقز هذا الأخير لتصدي لكمة طارق..ولكن كف وعد امسكت بمعصم طارق بغتة وهي تقول بهدوء: لا نريد أي مشاكل يا استاذ طارق فلنغادر ..ولا تهتم لأمر شاب مثله..
تطلع طارق الى الشاب بنظرات صارمة قبل ان يقول: حسنا ..هيا بنا ..
والتفتا عن الشاب ليسيرا في طريقهما وسمعاه يقول من خلفهما: يالك من جبان يا هذا..
قالت وعد وهي تلتفت لطارق: انه مجرد شاب طائش..دعه عنك..ولا تسبب أية مشاكل لك بسببه..
لم يعلق طارق على عبارتها ودلفا سويا الى حيث المصنع ثم استقلا المصعد الى الطابق الأخير..حيث مكتب المدير العام للمصنع..وسارا الى حيث مكتب السكرتيرة وشرح طارق لهذه الأخيرة سببب مجيئهم فقالت: حسنا ..يمكنكما الانتظار في مكتبه ريثما ينتهي الاجتماع..
قال طارق بتساؤل: ومتى سينتهي الاجتماع؟..
قالت السكرتيرة بعدم اهتمام: ربما بعد خمس عشرة دقيقة..
- شكرا لك..
نهضت السكرتيرة من خلف مكتبها.. لتفتح لهم باب مكتب المدير العام وهي تقول: تفضلا الى الداخل..
دلف طارق برفقة وعد الى الداخل وتطلع كلاهما الى هذا المكتب الذي اقل ما يقال عنه انه قمة في الفخامة والرقي والذي يبدوا مالكه من أثرياء الدولة..وقالت وعد وهي تهمس لطارق بصوت خفيض: مجرد مدير عام..لديه مكتب فاخر كهذا..
قال طارق بتفكير: يثير حيرتي هذا الامر حقا..
وقالت السكرتيرة وهي تشير لهما بالجلوس في ركن من المكتب والذي يحتوي على اريكة ذات جلد أحمر فخم..ومقعدين آخرين من نفس لون ونوع الجلد: تفضلا للجلوس من فضلكما..
جلس طارق على الأريكة.. بينما اختارت وعد الجلوس على أحد المقعدين..وعادت السكرتيرة لتقول: ماذا تشربان؟..
قال طارق بهدوء: قهوة من فضلك..
وقالت وعد وهي تسترخي قليلا: عصير البرتقال لوسمحت..
اومأت السكرتيرة برأسها وهي تتجه مغادرة المكتب بخطوات هدئة ..وما ان اغلقت باب المكتب خلفها..حتى قال طارق وهو يتطلع من حوله: لا اظن ان مجرد مدير عام لديه المقدرة المالية على تأثيث مكتب بمثل هذا الأثاث الفاخر..
قالت وعد موافقة: والشيء الاهم من هذا..انه بكل تأكيد قد استغل رأسمال هذا المصنع لتأثيث مكتبه ..وهذا ما سيدفع مصنعا كهذا للتراجع وربما الخسارة المالية..
التفت لها طارق وقال بمكر: ما رأيك بسبق صحفي مثير اذا؟..
قالت وعد مبتسمة وقد فهمت ما يعنيه: اتعني الكتابة عن امثال هذا المدير العام؟..
اومأ طارق برأسه ومن ثم قال: أجل والاهم من هذا اننا سنقرنها بالصور..
وناولها كاميرته الشخصية وهو يردف: هيا هلمي..والتقطي الصور لكل ركن في هذا المكتب..
ابتسمت وعد وقالت وهي تتناول الكاميرا منه: سأفعل بكل تأكيد..
واسرعت بالتقاط الصور لأرجاء لمكتب..وللتحف واللوحات الفنية الراقية والتي تدل على ارتفاع ثمنها..وسمعت طارق يقول في تلك اللحظة: أظن ان سبق صحفي كهذا سيمنحك حق ان تكوني صحفية حقيقية لجريدة الشرق..
قالت وعد وهي تلتقط صورة اخرى: اتمنى هذا..
صمت طارق قليلا ومن ثم قال: هذا يكفي يا وعد..لا نحتاج لكل هذه الصور..
قالت في سرعة: صورة واحدة اخرى فحسب..
واسرعت تلتقط تلك الصورة وتعود الى مكانها حيث كانت تجلس..وناولت طارق كاميرته..فقال هذا الاخير: حاولي طرح الاسألة المتعلقة بهذا الموضوع ولكن بطريقة غير مباشرة ..طبعا انت تفهمين ما اعنيه..
- بالتأكيد فلا تظن انني سأتخلى عن سبق صحفي كهذا ابدا..سأفعل أي شيء لأكون صحفية بالفعل بينكم..
قال طارق بهدوء: ونحن نرحب بك بيننا..
قالت وعد بابتسامة: وهذا يسعدني..
قالتها وشردت بذهنها قليلا..وهي أفكار كثيرة تدور في ذهنها تجاه طارق .. الشاب الوحيد الذي تمكن من السيطرة على تفكيرها على هذا النحو..والأهم..انه الوحيد الذي تحركت مشاعرها تجاهه.. .
**********
ضحك عمر ضحكة طويلة متواصلة وهو يجلس مع عماد بأحد المطاعم وقال وهو يحاول التوقف عن الضحك: أحقا احضرتها الى هنا..لتتفرجا على ارجاء المطعم..لِم لَم تسألها بعد انتهائكما ان كان تنسيق المطعم قد نال اعجابها؟..
قال عماد بعصبية: كف عن سخريتك يا عمر..انا لم اخبرك بهذا حتى تسخر من تصرفي..انا اريد ان افعل لها أي شيء لاصلح الامور..وأعوضها عن سخافة الموقف الذي وضعتها فيه..
قال عمر ضاحكا: كدعوتها الى مطعم مثلا..
قال عماد بغضب: لقد كنت مخطأ عندما أخبرتك بكل شيء منذ البداية..
قال عمر وهو يتوقف عن الضحك: حسنا انا آسف..لم اقصد السخرية..ولكن ما فعلته يثير في نفسي الضحك والغرابة في الوقت ذاته..فكيف تسمح لنفسك باضاعة فرصة من ذهب للحديث اليها على انفراد؟..
زفر عماد بعصبية وقال: هذا ماحدث..
قال عمر وهو يميل نحوه: وتريد مني ان أخبرك بطريقة لتصلح الامور اولا..ولتتحدث اليها ثانيا..اليس كذلك؟..
- بلى ..كذلك..
فكر عمر قليلا ومن ثم قال: حسنا..سأخبرك بطريقة .. قد تكون قديمة بعض الشيء..ولكن اظن انها مضمونة..
وأخذ يحدثه عن طريقته..وعماد يستمع اليه باهتمام وانصات شديدين..
**********
( الا يبدوا انه قد تأخر؟)
قالتها وعد وهي تتطلع الى ساعة معصمها..ومن ثم ترفع رأسها الى طارق منتظرة اجابته..فقال هذا الاخير: أجل..لقد تأخر ما يقارب النصف ساعة عن موعدنا معه..
قالت وعد وهي تسند رأسها الى مسند المقعد: هل تظن انه قد نسي أمرنا؟..
قال طارق بهدوء: لقد اعتدت مثل هذه الامور..ان بعض من اصحاب الشركات او رجال الاعمال لا يمنحون الصحافة أي اهمية..بل انهم يحاولون تحاشيها على الارجح..
قالت وعد متسائلة: ولم؟؟..
- لانهم يكرهون ان تطرح عليهم اسألة من النوع الذي يتدخل في اعمالهم وخصوصياتهم..و لا يريدون ان تنتشر اعمالهم على الملء..وتعلمين ان بعض هذه الاعمال ربما لا تكون قانونية..
تسائلت وعد مرة أخرى: وماذا لو تم نشر ما لا يرغب رجل الاعمال مثلا بنشره..ماذا سيفعل حينها هذا الاخير؟..
هز طارق كتفيه وقال: ربما ينشر تكذيب لما نُشر....او ربما يثبت خطأ ما نشر بدليل وهمي.. أو يتخذ اجراءات أخرى ..تدفع الصحفي الى تغيير اقواله..
قالت وعد وهي تعقد حاجبيها: تعني ان يغريه بالمال مثلا؟..
قال طارق بهدوء: ربما يحدث هذا احيانا..
صمتت وعد قليلا ومن ثم قالت: انت تعمل منذ ثلاث سنوات بالصحيفة..أليس كذلك؟..
قال طارق مصححا: بل اربع..
قالت وهي تزدرد لعابها: حسنا اذا ما رأيك بي كصحفية مبتدأة؟..هل اصلح لكي استمر في هذا المجال؟..
قال طارق وهو يتطلع لها: لو كنت تحبين عملك..ستواظبين عليه بكل جد..وأنا اراك كمبتدأة ....
بتر طارق عبارته للحظة ومن ثم اضاف وهو يبتسم: ممتازة..
قالت وعد وحاجباها يرتفعان بسرور: أحقا؟..هل أنا جيدة في مجال الصحافة..
قال طارق وهو يعقد اصابع كفيه: انت أفضل من التحق بالصحافة كمبتدأة بدون ادنى مجاملة..لديك طموح كبير..واستعداد للعمل المتواصل..كما تتمتعين بالذكاء أحيانا..
قالت وعد بحيرة: ماذا تعني بأحيانا هذه؟..
قال طارق مازحا: أحيانا تكونين على مستوى من الذكاء واحيانا لا..
قالت وعد بضيق: هل اعد كلامك هذا سخرية مني؟..
ابتسم طارق بخفوت: بل انني امزح لا اكثر..
- لا تمزح معي بمثل هذا النوع من المزاح مرة أخرى..
قال طارق بسخرية: أظن انني انا من يملك الحق فقط في اعطاء الاوامر..
همت وعد بقول شيء ما..حينما سمع كلاهما صوت تحرك مقبض الباب..والتفتت وعد لتتطلع الى من سيدخل.. كان رجلا في الاربعينيات من عمره تقريبا ضخم الجثة الى حد ما..ويرتدي حُلة فاخرة..وقال وهو يقترب منها ويجلس على المقعد الآخر: هل تركتكما تنتظران طويلا؟..
تطلع اليه طارق للحظة ومن ثم قال: ليس هذا مهما..أخبرني..هل نستطيع بدأ اللقاء الصحفي الآن يا سيد (أيمن)؟..
قال أيمن ببرود: ولكن اسرع فلدي من العمل الكثير..
قال طارق وهو يلتفت عنه ويخرج جهاز التسجيل من جيب سترته..ويضعه أمامه: حسنا..فالنبدأ اذا..
وغمز لوعد بشكل خفي..ففهمت على الفور ما يعنيه..واستمر طارق في طرح الأسألة حتى قالت وعد بعد ان توقف طارق عن سؤاله بغية ان تطرح عليه وعد الأسألة الآن : لدي بعض الأسألة التي سأطرحها عليك يا سيد أيمن..هل تسمح لي؟..
قال أيمن وهو يلتفت لها ويلوح لهابكفه بملل: حسنا..ولكن سؤالان فقط..لان لدي بعض الارتباطات بعد قليل..
قالت وعد وعلى شفتيها شبح ابتسامة: لا بأس..كنت ارغب في سؤالك..غرفة المكتب هذه شديدة الفخامة..وقد تم انتقاء الأثاث بشكل ممتاز..ولا اظن ان ميزانية المصنع تسمح بشراء اشياء كمالية بهذا السعر..ما رأيك فيما قلته؟؟..
صمت أيمن للحظات ومن ثم قال وهو يرمقها بنظرة متفحصة: في الحقيقة تم استبدال غرفة المكتب القديمة بهذه..وقد تم شارؤها بالتقسيط..لهذا لن تتأثر ميزانية الشركة كثيرا..
قالت وعد وهي تتطلع الى احدى اللوحات: وماذا عن مثل هذه اللوحات والتحف الفنية..هل يتم شراؤها بالتقسيط ايضا؟..
تطلع اليها أيمن بغضب وهو يعقد حاجبيه..ومن ثم قال محاولا تمالك اعصابه: انها بعض اغراضي الشخصية التي أحببت وضعها في المكتب..
ومن ثم قال منهيا النقاش: حسنا..كان بودي اكمال الحوار لاصحفي معكم..ولكني مشغول كما أخبرتكما..
قال طارق وهو يغلق جهاز التسجيل: بالطبع يا سيد أيمن.. نعلم مدى انشغال اشخاص مثلكم..
واردف وهو ينهض من على مقعده: سررنا بمقابلتك..هيا يا آنسة وعد..
نهضت وعد من مكانها..في حين تطلع اليها أيمن بنظرات ضيق شديد..ولم تعر نظراته هذه انتابهاً..وغادرت المكتب برفقة طارق..وقالت بعد أن خرجا من المكتب: أظن انني قد أثرت ضيقه كثيرا..
قال طارق وهو يهز كتفيه: لا عليك..أمثال هذا ..ينبغي تقديمهم على حقيقتهم للناس وبتر جذورهم من المجتمع..وهذه هي مهنة الصحفي منا..
اومأت وعد برأسها ايجابيا وقالت مبتسمة: معك حق..هذه مهنة الصحفي..أو صحفية مثلي..
ابتسم طارق بهدوء وهو يتطلع لها للحظة..قبل ان يكملا سيرهما مغادران المصنع...
***********
غادرت ليلى قسم عملها بالطابق الثاني..وتوجهت نحو قسم المصاعد لتستقل احدها..ولتهبط به الى الطابق الارضي ومن ثم تغادر الشركة..
سارت بخطوات هادئة نحو سيارتها القابعة بأحد مواقف الشركة..وأخرجت مفاتيح السيارة لتفتح الباب وتدلف اليها..ولكن شيئا ما لفت انتباهها..كانت ورقة مطوية وقد وضعت على نافذة سيارتها الامامية..
ظنت انها احدى الاعلانات التي توزع في العادة على مختلف السيارات..والتقطته لتفضه ومن ثم تقرأ تلك الكلمات التي خطت فيه..وتملكتها الدهشة وهي ترى انها ليست سوى رسالة..ازدردت لعابها واخذت تقرأ كلماتها بصوت هامس قائلة:
(( العزيزة ليلى وبعد...
أعلم ان ارسالي مثل هذا الخطاب سيكون بمثابة تصرف طفولي مني..وخصوصا وانه لم يدم على معرفتنا سوى اسبوعين لا أكثر ..ولكني كنت اريد ان اعتذر ..أجل أعتذر عما بدر مني في لقاءنا الأخير ..وعلى سخافة موقفي معك..وكيف انني لم استطيع ان اتحدث اليك ولو بكلمة ..ولكن صدقيني كنت اعد حديث طويل جدا لنتحدث فيه سويا ..ولكن لا اعلم ما حدث لي..فمنذ ان وجدتك معي في المطعم..وان الفرصة سانحة لي لكي اتحدث بحرية ..حتى هربت الكلمات من على لساني..
اعرف انك لن تصدقي مثل هذا الكلام الذي ربما تعتبرينه أحمقا وتافها..ولكن هذا ما حدث حقا..لقد كنت اشعر بشعور غريب طوال جلوسنا معا يمنعني من التفوه بأي كلمة..واليوم انا اتسائل بيني وبين نفسي..ماذا ظنت بي؟..أكانت تظن انني قد دعوتها لاتسلى او ربما لأسخر منها؟..وها انذا سأخبرك بالاجابة..فربما يكون الخطاب خير وسيلة لايصال ما اود قوله لك شخصيا..
أريد ان أخبرك..بأنني ابدا لم افكر في السخرية أو ان اتسلى بأي أحد يوما..فكيف اذاكان الامر متعلق بك أنت..لست أكذب ان قلت ان المصادفات التي جمعتنا قد قربتني منك كثيرا..لقد بت اشعر احيانا بضيق كبير لو لم ارك ولو للحظة في الشركة..وأحيانا أفكر في زيارة اقسام الشركة فقط لأراك..ولكني اتراجع وأظن ان تصرف مثل هذا سيجعلني ابدوا أحمقا في نظرك..
أريد ان أطلب منك أن تقبلي اعتذاري عن تصرفي السخيف معك في ذلك اليوم..وارجو ان تعذريني لاني ارسلت لك خطابا بهذه الطريقة..ولكني لم اجد أي وسيلة للاتصال بك سوى هذه..ولم أرد التطفل على أي من معلوماتك الشخصية التي لدي بالشركة.. فربما كان ذلك سيضايقك..
وأخيرا اريد ان أسألك..ماذا أعني بالنسبة لك؟..لست أطلب منك اية أجابة..ولست أسألك لاني ارغب بان تخبريني بأي شيء..ولكني ارغب في ان تفكري بالأمر جيدا..وان كنت قد ظننت ان الامر سيختلف ان كنت رئيسا وانت موظفة لدي..فسأجيب بقول لا.. ابدا لا تهمني المناصب او الأموال أو حتى الأسرة التي تنتمين اليها..كل ما يهمني انك أنت..أنت يا ليلى ولست أي شخص آخر...
بكل اخلاص
عماد ))
طوت ليلى الخطاب بعد ان انتهت من قرائته وهي في ذهول حيرة من أمرها..أفكار عديدة تصارعت بذهنها ..الخطاب ..عماد ..ومشاعره التي تحدث عنها ..وتفكيره بها ..واهتمامه بأمرها..كل هذا لا يعني سوى ان عماد يميل لها...
هل هي تحلم؟..هل قرأت هذا الخطاب حقا قبل قليل؟..أم كانت تتخيل ان أحلامها قد اصبحت مجسدة على ارض الواقع؟..هزت رأسها بعنف..لتعود لقراءة الخطاب من جديد..وكأنها تريد التأكد من ان مرسله عماد حقا..أو ان الكلمات التي قرأتها لم تكن من وحي خيالها..
طوت الورقة بهدوء..وهي تشعر بالنشوة..وكأنها في حلم جميل لا تريد الاستيقاظ منه ابدا..ووضعتها في حقيبتها قبل أن تفتح باب السيارة و...
(أظن انك قد قبلت اعتذاري الآن..أليس كذلك؟..)
التفتت ليلى الى ناطق العبارة السابقة..ولم تستطيع كتمان تلك الدهشة التي ارتسمت على ملامحها..أو منع تلك الشهقة التي اصدرت من بين شفتيها..وهي تتطلع الى عماد الماثل امامها وهو يتطلع لها بهدوء وفي يده باقة من الورود الحمراء..
وسمعته يقول في تلك اللحظة: هل أخفتك؟؟..
هزت ليلى رأسها نفيا وقالت: لا..ولكني شعرت بالدهشة لوجودك بالقرب من هنا..
قال في هدوء: في الحقيقة كنت أعد الدقائق حتى تخرجي من الشركة..فقد مللت وقوفي هنا لفترة..
واردف وهو يمد له يده بباقة الزهور: أعبر عن اعتذاري مرة أخرى..وأرجو ان تخبرك الزهور بما عجزت أنا عن قوله..
قالت ليلى بدهشة: صدقني لم يكن هناك أي داع لكل هذا..لم يحدث شيء ابدا يستدعي كل هذا..
ابتسم عماد وقال: حسنا اقبلي مني هذه الزهور كهدية اذا..
ترددت قليلا قبل ان تمد يدها وتلتقط الباقة منه ثم تقول بابتسامة ووجنتيها قد توردتا من شدة الخجل: اشكرك..انها هدية عزيزة جدا علي..
قال عماد بابتسامة واسعة: اسعدني سماع هذا منك ..والآن انا مضطر لافارقك..الى اللقاء..
قالت ليلى وهي تشتم عبق الزهور الندي: الى اللقاء..
القى عليها نظرة أخيرة قبل ان ينصرف متجها الى سيارته ..في حين دلفت ليلى الى سيارتها وقالت هامسة لنفسها: يا أروع من عرفت في حياتي...
*********حسن حلم**