*الجزء الثامن*
(هل من الممكن أن يتحطم الجليد؟..)
تعلقت عينا وعد بتلك السطور بالصحيفة..والتي كانت تنشر لها موضوعا تذكر إنها كتبته قبل يومين ..وتركته بإهمال على المكتب ..لأنها شعرت بأنه غير صالح للنشر...
ولكن مادامت لم تقم بإرسال الموضوع الى رئيس التحرير حتى يقوم بنشره فمن فعل؟..إنها لا تذكر انها قد طلبت من أحد ذلك..أو إن احدهم تحدث إليها بشأن نشر هذا الموضوع..إذاً من نشر هذا الموضوع وكيف؟؟..
وقفزت تساؤلاتها إلى لسانها لتقول بصوت مسموع: انه موضوعي..كيف نُشر بالصحيفة ومن قام بنشره؟..
انتبه لها أحمد وقال وهو يلتفت لها: أتقولين بأن موضوعك قد نُشر..هذا أمر جيد بالنسبة لصحفية تحت التمرين مثلك..
قالت وهي تهز رأسها: ليست المشكلة في أن الموضوع قد نشر أم لا..المشكلة اني لم آخذه للنشر..وها انذا..اراه قد نشر في صفحات هذه الجريدة..فمن يكون قد فعل وقا....
(أنا..)
الصوت البارد كالثلج الذي جعلها تلتفت بغرابة ودهشة الى صاحبه..وتتطلع الى طارق بحيرة ..قبل ان تتمتم بعدم تصديق: أنت من قام بنشر موضوعي؟..
قال طارق وهو يمسك بقلمه و يتطلع اليها بنظرة باردة: أجل..أنا..
ظهرت نظرات التشكك وعدم التصديق في عيني وعد..أي شخص آخر سواه كانت ستصدق الا هذا الجليد..ثم كيف يقوم بنشر موضوعها دون ان يستشيرها حتى...
إحراج طارق لها في أول يوم لها..وتجاهله لها..وتصرفاته الباردة والغير مبالية معها..كل هذا جعلها تقول من باب الانتقام: ومن سمح لك بنشر الموضوع؟..
حرك طارق القلم بين إصبعيه بلامبالاة وقال: أظن إن اسمك الموجود بنهاية الموضوع وليس اسمي..أو اسم أي شخص سواي..
اختطفت نظرة سريعة الى الموضوع لتتأكد من ما قاله..وعندما تأكدت من صدق ما قاله..قالت باستنكار وحدة: ولو..لم يكن من المفروض ان تنشر موضوع يخصني..دون ان تخبرني بالأمر..ربما لم أكن ارغب بنشره أو إنني أريد إضافة بعض التعديلات اليه..
قال طارق وقد أحس بالضيق من حديثها..وخصوصا من انه فكر في إسداء خدمة لصحفية جديدة في بداية حياتها المهنية..وهي بالمقابل تقابل تصرفه بالعصبية..واختفت النظرة الباردة من عينيه لتحل محلها نظرة منزعجة وقال: لقد قامت لجنة التدقيق والتصحيح اللغوي والإملائي بالتعديلات اللازمة..
قالت بحدة اكبر وكأنها تريد ان تتحداه وتحرجه كما فعل هو معها يوما: ولكني لم ارغب بنشره وهذا شأني انا..ليس من حقك ان تنشره بدون ان تخبرني او ان تأخذ رأيي بالأمر على الأقل..لقد...
قاطعها طارق بعصبية تراها عليه وعد للمرة الأولى: موضوعك هذا..كان مرمي بإهمال على مكتبك.. والجميع قد غادر المكتب في تلك الأثناء..كان بالتأكيد سيصل الى سلة المهملات..عندما يحضر العامل في نهاية الدوام..لقد قرأته ووجدته جيد ويستحق النشر..واعتقد أن أمر نشره لا يتوجب كل هذا الغضب..لأني فكرت بإسداء خدمة..ولم اعلم بأنها قد كانت جريمة في نظرك...
خيم الصمت على المكان بعد ما قاله طارق..كانت وعد تتطلع إليه وهي في دهشة من أمرها..يا ترى هل تحطم الجليد؟..شعرت بالذهول من غضبه وعصبيته التي تتناقض مع بروده..ترى هل ما قالته استفزه الى هذه الدرجة..ام ان كلماتها كانت بالفعل في غير محلها..لقد سيطر عليها الرغبة في الانتقام وهي تتحدث اليه..ولكن الآن ..يبدوا انه هو من أعاد الكرّه..وأحرجها للمرة الثانية أمام الجميع..إنها تشعر الآن بسخف ما قالته حقا...
لم تعلم بم تجيب..وخصوصاً وان كلماته قد أخرستها تماما..لم تكن ترغب بقطع هذا الصمت وهي تتحاشى النظر الى طارق الذي كان يحر ك القلم بين أصابعه بعصبية..
طارق الذي عرف ببروده أغلب الأوقات..كيف لفتاة أن تستفزه بكلماتها..كيف له ان يهتم بما قالته أصلا ..لقد فكر في تقديم خدمة وهي من رفض..وهي من ستخسر في النهاية..فلم أبدى كل هذه العصبية..ما الذي دعاه ليهتم بالرد على ما قالته...
( استاذ طارق..رئيس التحرير يطلبك)
قالها أحد العاملين بالصحيفة..وهو يقف عند باب القسم..فقال طارق وهو ينهض من خلف مكتبه: حسنا..سأذهب اليه بالحال..
ولم يلبث أن غادر القسم..وقال أحمد في هذه اللحظة محاولا تلطيف الجو: أهنئك يا آنسة وعد لقد حطمت القاعدة أخيرا..فمن المستحيل أن تري الأستاذ طارق عصبيا الا مرة في الشهر..وها انذا أراه للمرة الثانية لهذا الشهر..
قالت بصوت خفيض بعض الشيء: لم يكن علي ان اقول ما قلت له..
هز أحمد كتفيه وقال: على العكس..انه حقك..ولم يكن ينبغي ان يقوم طارق بنشره دون ان يأخذ الاذن منك..
قالت وعد بتردد: ولكني أظن اني زدت بالجرعة في الحديث معه..وحديثه كان صحيحا فلو لم يقم بنشره..لرُمي بسلة المهملات..دون ان يهتم أحد به او بما كتبت..
التفت احمد لها وقال: ولكنها رغبتك في النهاية..ولم يكن على طارق التدخل في هذا الأمر..
صمتت وعد دون أن تعلق على عبارة أحمد..وغرقت في تفكير عميق ..وفي النهاية قالت متحدثة الى نفسها: ( يا ترى كيف أتصرف تجاه ما بدر مني؟..)
وكأن احمد قد قرأ أفكارها فقال: وعلى فكرة فطارق لا يهتم بهذه الأمور أبدا..تجدينه الآن قد نسى الأمر برمته..وسيأتي ليتحدث معنا بشكل طبيعي عندما يعود وكأن أمرا لم يكن..
قالت وعد وهي تطرق برأسها: حتى وان لقد أخطأت بتصرفي..وعلي أن أتحدث معه حيال ذلك..
قال أحمد وهو يعود الى عمله: افعلي ما ترينه مناسبا..
قالها واستمر في عمله..تاركا وعد في حيرة من أمرها..
**********
أحس طارق بالحنق من نفسه..كيف؟..كيف تثير أعصابه مجرد فتاة؟..فتاة لم يمضي على وجودها هنا غير أسبوع..لا بل اقل..خمسة ايام لا أكثر..منذ اليوم الثاني لها وهي تتعمد استفزازه..وإثارة أعصابه..وبالتأكيد هي تفعل ذلك حتى تعيد له الكرّه عندما وجه لها تلك العبارة أمام الجميع في اليوم الأول لها بالصحيفة..
وقال بشرود وكأنه قد عاد بالزمن الى الوراء: ولكن.. ولكنها تشبهها..كثيرا..
************
طرقات سمعها هشام على باب غرفته جعلته يقول بصوت هادئ: من..؟
قالت فرح وهي تفتح الباب: الآنسة الجميلة فرح..هل يمكنني الدخول؟..
قال هشام بسخرية: لقد دخلت لوحدك الآن..فلا يمكنني ان اطردك..
قالت فرح باستنكار وهي تتقدم منه: وهل كنت تفكر بطردي لو لم أدخل لوحدي..
- ولم لا؟..
قالت فرح بابتسامة ماكرة: فليكن..هذا افضل..حتى لا أخبرك بما جئت لأقوله لك..وسأخرج وحدي حتى احفظ كرامتي..
قال هشام متسائلا: وما الذي جئت لتقولينه لي؟..
قالت فرح بخبث وهي تبتعد وتتجه الى الباب: لقد جئت لأخبرك بأمر يخص وعد..ولكني أراك غير متقبل لأي شيء لذا سأغادر الغرفة وأتركك بهدو...
قاطعها هشام وهو ينهض من خلف لوحة الرسم الهندسية ويسرع نحوها: أي كلام تقولينه..أخبريني ماذا بها وعد؟..
قالت فرح بتعالي: أولا اعتذر عما قلته..
قال بسخرية: لا تحلقي بأحلامك كثيرا..
قالت وهي تفتح باب غرفته: حسنا اذا سأغادر..
قال وهو يعقد ساعديه أمام صدره: أتتوقعين أن أترجاك حتى تتحدثي..كلا لا تحلمي..اذهبي وأغلقي الباب خلفك..
رفعت حاجبيها وقالت: ما هذا التطور..هشام لا يرغمني على الحديث لأمر يخص وعد...
قال وهو يبتسم بزاوية فمه: ولم أتعب نفسي؟..سأتصل بوعد نفسها لتخبرني بالأمر برمته..
قالت فرح وهي تبتسم بمكر: انها لا تعلم بالأمر بعد..
- فرح..اخرجي خارجا من فضلك..لقد ازعجتيني كثيرا..
- تريد ان تتحدث اليها على انفراد..اليس كذلك؟..
قال بضيق: اجل..والآن هلا خرجت..
قالت وهي تخرج خارج الغرفة: سأخرج ولكن لا تتوقع ان تفيدك وعد فهي لا تعلم بالأمر بعد..
انتظر هشام حتى خرجت فرح من الغرفة..ثم لم يلبث ان ضغط رقم وعد وأعقبه بالضغط على زر الاتصال..وهو ينتظر إجابتها بلهفة..وما ان أجابت على الهاتف حتى أسرع يقول: أهلا وعد..كيف حالك؟..
قالت وعد وهي تزفر بحدة: بصراحة متعبة..
قال متسائلا: بسبب العمل؟..
- اجل..
- قدمي استقالتك اذا..
ضحكت وعد قالت: أحقا..لقد قدمت لي الحل فعلا.. أشكرك..
ابتسم وقال: فليكن..سأعطيك حلا آخر..ابتلعي أقراصا مهدئة..
قالت بعصبية: اوتظنني مجنونة؟..
قال بابتسامة أوسع: أهدئي..أنا امزح..اسمعي.. الا تعلمين شيئا مما يحدث من حولنا؟..
قالت بغرابة وحيرة: ماذا تعني؟..
قال وهو يتجه ليجلس على مقعد الحاسوب المتحرك: بصراحة لا اعلم..فرح جاءت الي وقالت ان هنالك شيء تود قوله لي يخصك أو يخص عائلتك..قبل ان اطلب منها مغادرة الغرفة..لذا فهي رافضة لإعلامي بالأمر الا بعدان اقدم تصريح الاعتذار لها..
قالت وعد بمرح: قدمه..والا سيتم إصدار حكم بالأشغال الشاقة عليك..
- لا أريد تخييب ظنها ..ولكنها تحلم بجموح..
قالت وعد بابتسامة: وما المطلوب مني..فإن كنت تصدق فأنا نفسي لا اعلم بهذا الأمر الذي قد يكون يخصني..
وأردفت: اسمع..مع إني في صف فرح دائما ولكن هذه المرة فقط سأكون في صفك..لأنني انا نفسي اصبت بالفضول لمعرفة هذا الشيء الذي يخصني ولا اعرفه..لذا سأتصل بها وأتحدث اليها وأحاول جرها في الحديث الى ان تبلغني بالامر..وبعدها اتصل بك وابلغك..هه ما رأيك؟..
- أمتأكدة من انك لم تعملي مع المقدم سالم قبل الآن؟..
ضحكت بمرح وقالت: مع اني لا اعلم من هو سالم هذا..لكن تأكد اني لم أعمل قبل الآن غير مهنة الصحافة..
واستطردت قائلة: والآن الى اللقاء..سأتصل بك فيما بعد..
- الى اللقاء..
وما إن أغلق هاتفه..حتى انتظر بلهفة اتصال وعد..تتطلع الى ساعة يده بين اللحظة والأخرى ..وهو يجلس بانتظار اتصالها..ولما شعر بالملل..فتح جهاز الحاسوب ..وتسلى بالدخول الى عدد من المواقع على الانترنت..
ولما شاهد ان نصف ساعة قد مضت دون ان تتصل وعد..قرر ان يتصل بها..التقط هاتفه وضغط على زر الاتصال..وانتظر إجابتها لكنها لم تجب..أعاد الاتصال لثلاث مرات أخرى ولما شعر باليأس من إجابتها..عاد ليبحر في عالم الانترنت....
**************
قال عمر وهو يضحك متحدثا الى عماد بذلك المطعم: أتتحدث عن نفسك أم عن فيلم أجنبي..
قال عماد بابتسامة: هذا ما حدث صدقني..يبدوا الأمر غريبا فعلا..في البداية أمر الموقف ذاك الذي اوقفت سيارتها به على الرغم من انه كان من حقي انا التوقف به..ثم أمر المتجر..وبالأمس ذاك الموقف الذي حصل بالبنك أمام عينيك..
قال عمر مازحا: واين سيكون المشهد التالي؟..
قال عماد بسخرية: في قاع البحر..
قال عمر وهو يضحك: لم ؟..المشهد القادم سيكون مع حورية ام سمكة..
قال عماد بضيق: توقف عن ضحكك يا عمر لقد اخبرتك بالأمر لأني اثق بك وأريد رأيك بالموضوع..
قال عمر وهو يهز كتفيه: رأيي في ماذا؟..في فتاة لا تعرف عنها شيئا غير ان اسمها ليلى..وما الذي سيفيدك اسمها..انك لا تعرف من تكون..ومن أي عائلة..واين تسكن..وما هي صفاتها وشخصيتها..
قال عماد بهدوء: الفتاة سيطرت على تفكيري ليس الا..ولم اقل اني أفكر بالارتباط بها..
- ولو..فكر بالأمر بجدية..اين يمكن ان تلتقيها..لقد جمعتكما الصدفة فقط..انك لا تعرف رقم هاتفها حتى تتحدث اليها حتى وتطلب منها مثلا لقائك في مكان ما..
- أنت تعلم إنني لست من هذا النوع من الشباب..
قال عمر بجدية: اسمعني..إذا كنت جادا بالأمر وتفكر بالارتباط بها..فليس هناك ما يعيب حديثك معها أو لقاءك بها..
قال عماد وهو يرفع حاجبيه: رويدك..أنا لم اقل إلا انني أعجبت بها..هل سأرتبط بها هكذا..ثم من قال اني أفكر بالزواج؟..
مال نحوه عمر وقال: اسمعني..ما دامت فتاة قد نالت على إعجابك أخيرا فلا تضعها من بين يديك..انت لن تجد فتاة تنال إعجابك كل يوم..فذوقك صعب جدا..
ابتسم عماد وقال: لا تخشى شيئا..لست مريضا نفسيا..حتى اكره جميع الفتيات..يمكن ان تقول انني لم اجد بعد الفتاة التي رسمتها بذهني واحاول ان اطابقها مع احدى فتيات الواقع..
قال عمر باهتمام: وتلك الفتاة..
قال عماد وهو يزفر بحدة: تطابقت معها ..تقريبا...فأنا لم ارى سوى الشكل الخارجي بعد..لم اعرف بعد من هي تلك الفتاة فعلا..ما هي طباعها.. طموحها .. تصرفاتها.. أتفهمني يا عمر؟..
قال عمر بابتسامة: كيف لا افهمك يا عماد..ما تقوله صحيح أنت لم ترى غير الشكل الخارجي بعد..ولكن كيف ستتعرف على شخصيتها؟..انت لا تعرف من تكون حتى..
قال عماد بشرود: دع هذ للأيام فكما جمعتنا يوما..قد تجمعنا مرة أخرى من جديد...
**********
غرق هشام في تصميمه الذي صممه على حاسوبه.. تصميم لمنزل من طابقين..الطابق الأول يتكون من ردهة واسعة..وغرفة معيشة..واخرى للجلوس..ودورة المياه ومطبخ واسع..
أما الطابق الثاني فكان يحتوي على ثلاث غرف للنوم..وكل واحدة منها تحتوي على دورة مياه تابعة لها..وردهة صغيرة ومطبخ صغير تابع للردهة..
وابتسم بشرود وهو يتطلع الى المنزل الذي صممه..لو انه اشرف على بناء هذا المنزل الذي رسم له هذا التصميم الهندسي..ليكون هذا المنزل له ولوعد..هما فقط.. يشرفان على بناءه ويختاران الألوان لكل غرفة منه..ومن ثم يضعان الأثاث في كل غرفة..وثم يسكنانه..
أحلام كثيرة شغلته..وأحس بالمرارة منها..ترى هل يمكن ان يتحقق حلمه بأن تكون وعد شريكة حياته..انها لا تشعر به حتى و....
شعر بغتة بيدان تغلقان عيناه فقال بضجر: فرح ازيلي يديك عن عيني والا كسرتهما لك..
سمع صوت فرح وهي تقول له: تكسر يداي مرة واحدة..يالك من شرير.. حمدلله اذا ان هاتين ليستا يداي أنا..
استغرب من كلامها..وشعر باليدين تنزاحان عن عينيه..وصوت ضحك ينطلق من خلفه..فالتفت وراءه وقال بابتسامة واسعة: وعد...
واسرع ينهض من خلف مقعده وقال: اشتقت إليك..
قالت وعد بمرح: يا لك من كاذب..بالأمس فقط كنا معا..
كاد ان يهم بقول شيء ما حين سمع صوت ضحك فرح..والتفت اليها مستغربا ..ولم تلبث وعد ان شاركتها الضحك..فقال وهو يعقد ساعديه امام صدره: هل لي ان اعرف ما الذي يضحككما..فلست مهرجا حسبما اعلم..
قالت وعد وهي تتوقف عن الضحك: بصراحة عندما اتصلت بي كنت اعلم ما هنالك وماذا أرادت فرح قوله لك..ولكننا اتفقنا انا وفرح على عدم إخبارك..حتى عندما حاولت الاتصال بي كنت اتعمد عدم الرد..
قال هشام بسخرية: اذا كان مقلبا..لقد اخترتما الشخص الخطأ يا آنسات..لأني سأعيد لكما الصاع صاعين..
واردف متسائلا: ولكن ماذا هناك فعلا..ما الأمر الذي لا اعلمه أنا الى الآن ويعلمه الجميع..
قالت فرح بابتسامة مرحة: الم تعلم بعد..يكفي وجود هذه الآنسة الجميلة في منزلنا حتى نخفي الأمر عنك..
قال هشام بسخرية: لقد ظننت ان الأمر مهم حقا..فما الذي يُدهش لو قامت وعد بزيارتنا..انها تقوم بذلك كل اسبوع..
قالت وعد وهي تجذب فرح من كفها: هيا يا فرح يبدوا ان الأخ يشعر بالملل مني..فلنذهب الى غرفتك..
قالت فرح وهي تتوقف في مكانها وتلتفت الى هشام: انه ليس اليوم المعتاد لزيارة عمي الى منزلنا..لكن هناك بعض الأمور الذي دعته ليقوم بهذه الزيارة..لذا فهذا يعني انهم سيحضرون الى منزلنا يومين بالأسبوع..أفهمت الآن؟..
ومع ان هشام شعر بالسعادة لهذا الا انه قال: هذه ليست مفاجأة حتى تخفياها عني..
قالت فرح: اذا ماذا تكون؟..
قال هشام بسخرية: كارثة..
قالت وعد وهي تخرج لها لسانها بحركة طفولية: مضحك جدا..
وبغتة سمعا صوت نداء والدة هشام وهي تنادي فرح..فقالت هذه الأخيرة : لا اعلم ماذا تريد أمي..سأذهب لأراها..
قالت وعد في سرعة: سآتي معك..
وتوجهت خلف فرح في سرعة..وقبل ان تخرج سمعت هشام يناديها فالتفتت اليه بحيرة وقالت: ماذا؟..
قال مبتسما وهو يتقدم منها: كيف حال العمل معك؟..
هزت كتفيها وقالت: لا بأس به الى الآن..
قال وهو يشير اليها نحو جهاز الحاسوب: تعالي سأريك تصميم لمنزل..واخبريني برأيك به..
قالت وهي تتوجه نحو جهاز الحاسوب وتجلس على المقعد الخاص به: أهو من تصميمك؟..
قال وهو يجذب له مقعدا ويجلس الى جوارها: بالتأكيد..
تطلعت وعد باهتمام الى التصميم ومن ثم قالت بابتسامة: جميل..ولكن ينقصه شيء..
قال متسائلا: ما هو؟..
- الحديقة الأمامية والخلفية..الا ترى انه سيكون أجمل بهما..
تطلع الى التصميم ومن ثم قال: بلى..معك حق..
قالت وهي تنهض من على المقعد: عليك ان تعرف انك لست وحدك من لديه أفكارا جيدة..والآن الى اللقاء..
تطلع اليها وهي تغادر غرفته..وما ان فعلت حتى قال بحب: لو تعرفين يا وعد..انك قد أضفت فكرتك هذه لما أتمناه ان يكون منزلنا المشترك..لو تعلمين فقط...
*************
قالت فرح بملل وهي تعد الأطباق بالمطبخ: دائما فرح..لا يوجد غيرها بالمنزل ليطلبوا منه العمل..وكأنني أعمل خادمة هنا..
ضحكت وعد وقالت: للأسف الخادمة أفضل منك..فهي تحصل على راتب شهري..
قالت فرح بضيق: معك حق..حتى الخادمة باتت أفضل مني..
ابتسمت وعد وهي تقترب منها وتضع بعض الكعك في الطبق: ولم انت غاضبة هكذا..ها انذا اساعدك..
قالت فرح وهي تقلد وعد بسخرية: ها انذا اساعدك..لقد مرت ساعة وانت تضعين هذا الكعك فقط بالطبق..
قالت وعد بمرح: لم تصبح ساعة بعد..انها ساعة الا دقيقتين..
قالت فرح بضجر: اسمعي اتركي هذا الكعك..واذهبي لاعداد العصير..
قالت وعد وهي تبتسم بمرح: أمرك سيدتي..
وتوجهت الى تلك الخزانة العلوية بالمطبخ..وقالت وهي تقتح بابها: فرح أي علبة هي علبة مسحوق العصير..
قالت فرح وهي تزفر بحدة: الا تعرفين القراءة؟..
- بلى ولكن هناك عدة انواع..اي نوع استخدم..
- أي شيء..
قالت وعد وهي تلتقط علبة مسحوق عصير التفاح: اذا سأقوم باعداد عصير التفاح لاني اعلم انك لا تحبينه..
قالت فرح بابتسامة وهي تلتفت اليها: ولم كل هذا الكره..
همت وعد بقول شيء ما ..عندما شاهدت رنين هاتفها المحمول..والتقطته لتشاهد انه رقم مجهول..عقدت حاجبيها ومن ثم أجابت قائلة: الو..من المتحدث؟..
جاءها صوت امرأة تقول: أأنت الآنسة وعد عادل؟..
- اجل انا هي..ما الأمر؟..
- أنا أتحدث إليك من صحيفة الشرق..وهم يطلبونك الآن..
قالت وعد بغرابة: الآن؟؟..
- اجل..احرصي على ان لا تتأخري..
- حسنا.. الى اللقاء..
أغلقت وعد الهاتف وهي في حيرة من أمرها فقالت فرح بحيرة وهي تتطلع اليها: ماذا هناك يا وعد؟..
قالت وعد وهي تتنهد: يطلبوني في الصحيفة الآن..
قالت فرح بدهشة: الآن؟..لم؟..
- لست اعلم..سأذهب وارى الأمر..
- ألا يمكنك الاعتذار عن الذهاب؟..
- ولم افعل؟..سأذهب وارى الأمر..وأتركك لوحدك تعملين..حتى تعرفي قيمتي..
قالت فرح مبتسمة: سأعرف انك لا تعملين شيئا من الأساس..
قالت وعد وهي تلوح بكفها: الى اللقاء الآن..اراك بخير..
قالت فرح في سرعة: مع السلامة..وحاولي ان تحضري الى منزلنا بعد انتهاء عملك..
- سأحاول..
قالتها وعد وتوجهت الى باب المنزل الرئيسي فاستوقفتها والدة هشام قائلة: الى اين يا وعد؟..
قالت وعد في سرعة وهي تلتفت إليها: يطلبونني في الصحيفة..سأرى ما الأمر وأعود سريعا..الى اللقاء..
قالت والدة هشام بهدوء: صحبتك السلامة يا وعد..وقودي بتمهل ولا داعي للعجلة..
ضحكت وعد وقالت: حسنا سأفعل..مع السلامة..
وأكملت طريقها نحو خارج المنزل..وهي تستغرب انهم قد طلبوها لأمر ما خارج وقت العمل وهي تقريبا لا تقوم بأي عمل في الصحيفة و...
(الى أين؟..)
انتفضت وعد عندما شعرت بكف على كتفها.والتفتت لترى صاحب الصوت..وقالت بملل: من اين تخرج انت؟..
ضحك هشام وقال: من الباب..شاهدتك تغادرين فتبعتك..والآن اخبريني الى اين انت ذاهبة؟..
- الى الصحيفة..
قال هشام باستنكار: الآن؟؟؟..
قالت وعد وهي تسرع مبتعدة عنه نحو سيارتها: كلا غدا..والآن مع السلامة..
قال بحدة: انتظري يا وعد..لم انهي حديثي بعد..
قالت وعد بضجر:عندما أعود سأجيب عن جميع أسألتك..سأذهب الآن حتى لا أتأخر..
قالتها وانطلقت بالسيارة متوجهة الى الصحيفة..ترى ما الذي ينتظرك يا وعد هناك؟..
************